وأما كيفية ارتباط بعضها ببعض حتى تصل إلى الله تعالى، فمنه ما يعلم بالمشاهدة وبالنظر وبالخبر، وليست الطاعات إليه طريقاً، ولا شرطاً، بل يحصل ذلك كله دونها (١).
فإن أرادوا أن صفاء القلوب يكشف هذه العلوم فباطل قطعاً.
وإن أرادوا أن الفكر في المخلوقات والآيات يوصل إليها فباطل أيضاً قطعاً، وما أعلمني بما يحومون حوله ويسفون عليه.
الطريقة الثانية:
قولهم: "وتحقيق ما سبق مما تخيلته العوام... " كما سردناه عليكم، وليس يخفى أن من اعتقد أن الباري يحويه المكان أو يشتمل عليه زمان، باطل بالأدلة المعلومة فيه القاطعة عليه، وقد كفينا شأنه معكم (٢).
وأما من اعتقد في الدار الآخرة أنها خيالات وتمثيلات، فلا يخلو أن يريد به أنه لا معنى لها، ولا حقيقة وراءها، فهذا مذهب النصارى والفلاسفة (٣) وهو باطل قطعاً، لأن فيه تكذيب الرسل، والحكم عليهم بالاستخفاف بالناس والتغرير بهم.
(٢) انظر: المتوسط: ٢٠.
(٣) يذهب الفلاسفة إلى أن ما ورد في الشرع من الصور الحسية والتمثيل بالمحسوسات، القصد بها ضرب الأمثال، لقصور الأفهام عن درك هذه اللذات العقلية، ومن ثم فقد مثل الشرع للبشر ما يفهمون، مقرباً ما لا يفهمونه إلى أفهامهم بالتشبيه والتمثيل، يقول ابن سينا في كتابه "رسالة أضحوية في أمر المعاد": "... أما أمر الشرع فينبغي أن يعلم فيه قانون واحد، وهو أن الشرع =