﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾ [العنكبوت: ٤٣].
ولا يصغي لها كل نفور القلب نكود الحال، والذي تضمّنت من الحكمة كثير، يكفيكم منها ظاهر واحد وباطن.
أما المعنى الظاهر فإن الفصاحة العربية والبلاغة السليقية، وهي التي يتميز بها القرآن، وَعَنْهَا وصلت المعاني إلى القلوب، فإن القول إذا كان بديع النظم حسن الرصف، ألوط بالنفس، وأسرع إلى القبول والفهم، وبهذا كانت العرب تتبالغ في خطابها، وتتبارى في كلامها، فجاءهم الله من ذلك بما لا طاقة لهم به وإن جرى في أساليبهم.
وأما الباطن فإن الله أراد أن يعلم الخلق كيف يتجاوزون في العبرة من المشاهدة إلى الغيب.
وزعمت طائفة من الصوفية أن الباري إنما ضرب الأمثال في المنام لانتقاش العلوم في اللوح المحفوظ دون الكشف الصريح "والناسُ نِيَامٌ، فَإذَا مَاتُوا انْتَبَهُوا" (١) فتظهر لهم عند الموت حقائق كانت عندهم مشروحة