الربيعُ يَقْتُلُ حَبَطاً أوْ يُلِم، إلاَّ آكِلَةَ الخَضِرِ، فَإنهَا أكَلَتْ، حَتى إذاً امْتَلأت خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشمْس فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ، ثُم رَتَعَتْ، وَإن هَذَا المَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ، وَنِعْمَ صَاحِبُ المُسْلَم لِمَنْ أعْطَى مِنْهُ المِسْكِينَ وَاليَتِيمَ وَابْنَ السبِيلِ، وَإن مَنْ يَأخُذهُ بِغيْرِ حَقهِ، فَهُوَ كَالذِي يَأكُلُ وَلَا يَشْبَعُ" (١).
فضرب النبي - ﷺ - مثلًا لستة:
الربيع، البهيمة الهالكة بالأكل، آكلة الخضر، الشمس، ثلطت وبالت، عادت فأكلت لستة: لصاحب المال، الهالك بجمعه وإيعابه، المجتزىء منه باليسير الكافي، نور الإِسلام، إذا لحق عاد فاكتسب.
فانظروا -رحمكم الله- كيف يتحصل هذا المثل للمعتبرين مع سلوك سبيل المهتدين، لكن بالِإيجاز مع هذا الاستيفاء.
وذلك أن المال في لسان الشريعة خير محمود، ومعنى ممدوح، كما قال: "نِعْمَ صَاحِبُ المُسْلِمِ هُوَ" بعد ذلك، ومع أنه خير في القرآن، ونعم الصاحب في الحديث، فإنه مخوف العاقبة، لاحتماله النفع والضر، ووجود

(١) هذا الحديث أخرجه -بألفاظ مختلفة- البخاري في الزكاة: ٤/ ٨٧، ومسلم في الزكاة رقم: ١٠٥٢، والنسائي في الزكاة: ٥/ ٩٠، وابن ماجه في أبواب الفتن رقم: ٤٠٤٣ (ط: الأعظمي). ومعنى "زَهْرَةُ الدْنْيَا": حسنها وبهجتها، و"الرُّحَضَاءُ" العرق الكثير، و"الحَبَطُ" مَنْ حَبطَ بطنه إذا انتفخ وهلك، "أوْ يُلِم" ألم بهِ يُلِم: إذا قاربه ودنا منه، يعني: أو يقرب من الهَلاك، "فَثَلَطَتْ" ثلط البعير يثلط: إذا ألقى رجيعه سهلاً رقيقاً. انظر ابن الأثير: النهاية في غريب الحديث: ٢/ ٤٠ وجامع الأصول: ٤/ ٥٠٢.


الصفحة التالية
Icon