التمثيل، لا غبار عليه، إلاَّ قولنا: إنّ الثلط والبول مثلين لممثل واحد، وقد يحتمل أن يكونا مثلين لممثلين وهو أظهر، وإن كان النبي - ﷺ - قد قال في الصدقة: "إنمَا هِى أوْسَاخُ الناسِ" (١). ولذلك لم تحل لمحمد، وآل محمد في أحد القولين (٢).
ومثلها النبي - ﷺ - مرة أخرى برحاضة رجل بادن في يوم حار (٣)، وتلك
قذارة عظيمة.
ولعله أراد به تمثيل مثلين وهما الزكاة والنفقة في سبيل الله، أو الزكاة والحقوق التي تعرف على قول من يقول: إن في المال حقاً سوى الزكاة والحقوق القريبة والمنافع البدنية المختصة بمنفعة الإنسان.
ومما قيدناه في الحديث قوله: "إلاَّ آكلة الخضر" فإنها تقيد بفتح الخاء وكسر الضاد، وتقيد أيضاً برفع الخاء وفتح الضاد.
واختلف الناس في تفسيره، فمنهم من جعل "الخَضِر" -بفتح الخاء وكسر الضاد- بعض الخُضَر -بضم الخاء وفتح الضاد-، والصحيح أنه واحد
(٢) انظر في هذه المسألة: ابن عبد البر: التمهيد: ٣/ ٨٨، الحطاب: مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: ٢/ ٣٤٤، النووي: المجموع: ٦/ ٢٤٤، ابن حجر: فتح الباري ٣/ ٢٢٧، الشوكاني: نيل الأوطار: ٣/ ٢٢٧.
(٣) يشير إلى الحديث الذي رواه الإِمام مالك في الموطأ: ١/ ١٠٠١ موقوفاً في كتاب الصَّدَقة عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: قال لي عبد الله بن الأرقم: ادْلُلْنِي عَلَى بعِيرٍ مِنَ المَطَايَا استَعْملُ عَلَيْهِ أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، فَقُلْت: نعم جمل من إبل الصدقَةِ، فَقَالَ عَبْدُ الله بنِ الأرقم: أتحبُّ لَوْ أن رجُلاً بَادِناً في يَوْم حَار غَسَلَ لَكَ مَا تَحْتَ إزَارِهِ وَرُفْغَيْهِ، ثم أعْطَاكَهُ فشرِبْتَهُ؟ قَالَ: فَغَضِبْتُ، وَقلْتُ: يَغْفِرُ اللهُ لَكَ، لِمَ تَقُولُ مثل هَذَا لِي؟ قَالَ: فَإنمَا الصدَقَة أوْسَاخ النَّاس يَغْسِلُونَهَا عَنْه