"العلة والمعلول، والحقيقة والمحقق، والشرط والمشروط، والدليل والمدلول" (١).
ونحن لا نراها، فإنها بحار لا ساحل لها، وإن كان ركّبها علماؤنا في سفائن نجاة، فما أراهم عن الوهم فيها بنجاة، والأولى بكم العدول عنها إلى وجوه الأدلة التي رتبناها في "المتوسط" (٢) و"المقسط" و"المشكلين" وسائر العقائد والتأليفات، إلاَّ أن يجد المرء لُبَانَةً (٣) في ذهنه، وفراغاً من وقته، وهمة تنتهي به إلى المقصود، فلا بأس بها له، ليرى فضل سائر الطرق عليها، ويشرف على المقصود منها.
القطب الثالث:
وهو الرد على المبتدعة في كل ما شبّهوا به ربهم ومثّلوه بخلقه، فتسامح العلماء إذا رأوا لها مثالاً أن ينشؤوا لهم تمثالًا ينقض مثالهم، ليضربوا بين أقوالهم حتى يظهر غلطهم، ويتضح سقطهم، وذلك بين في أمثلة الصّلاح

(١) توسع المؤلف -بعض الشيء- في المتوسط: ٢٨ - ٢٩ فقال: ".... الكلام في إثبات الصفات بطريقين:
أحدهما القول بالأحوال وتحقيق اعتبار الغائب بالشاهد في الطرق الأربعة وهي:
العلة والمعلول كالعلم وكون العالم عالماً. والشرط والمشروط كالحياة والحلم، والدليل والمدلول كدلالة الحدث على المحدث، والحقيقة والمحقق كعلمنا بأن حقيقة العالم من قام به العلم، وهي سبيل لا تنال بالهوينى، ولا تدرك بالمعنى، وما وقعت عيني على من يتحققها في الأقطار التي تولجتها إلاَّ رجلين من الأشياخ من أهل السنة، وذلك لتشعب أصولها وتنائي مبادئها من فصولها.
والطريقة الثانية وهي الأليق... ".
قلت: لم أتمكن من نقل بقية الكلام لتآكل المخطوط ورداءة خطه.
(٢) صفحة: ٢٨ وما بعدها.
(٣) اللْبَانَة: الحاجة من غير فاقة ولكن من همة، انظر مادة "لبن" من لسان العرب.


الصفحة التالية
Icon