الفعل، فجعل الله لرسوله -كما قلنا- في هذه الكلفة الخيار.
المسألة الثانية عشر:
قوله: ﴿خَالِصَةً لَكَ﴾، اختلف العلماء فيه على ثلاثة أقوال (١):
أحدها: أن يتزوجها بغير مهر ولا ولي، قاله قتادة (٢).
الثاني: بغير صداق، قاله ابن المسيب (٣).
الثالث: بعقد نكاحها بلفظ الهبة، ولا يجوز ذلك لغيره (٤).
قال الِإمام الحافظ أبو بكر بن العربي رضي الله عنه:
القول الأول والثاني راجعان إلى معنى واحد، إلاَّ أن الثاني أصح لأن ذكر الصداق ورد مذكرراً في القرآن، ولم يجر للوليّ ذكر، إلاَّ أنه لما سكت عن الوليّ، وجرى ذكر الحكم بين الموهوبة والنبي، مع المعنى الذي قد بينا

(١) انظر: هذه الأقوال في أحكام القرآن للمؤلف: ١٥٦٠.
(٢) هذا القول أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره: ٢٢/ ٢١، وانظر السيوطي: الدر المنثور: ٦/ ٦٣١ (ط: دار الفكر: ١٩٨٣).
وقال ابن العربي في الأحكام: ١٥٦٠ "وقد أنفذ الله لرسوله نكاح زينب بنت جحش في السماء بغير ولي من الخلق، ولا بذل صداق من النبي - ﷺ -، وذلك بحكم أنه أحكم الحاكمن ومالك العالمين".
(٣) هو سعيد بن المسيب، أبو محمد القرشي المخزومي، عالم أهل المدينة، وسيِّد التابعين، روى عن عائشة وابن عمر وغيرهما، توفي سنة: ٩٣ وقيل غير ذلك. انظر: ابن سعد: الطبقات: ٥/ ١١٩، الفسوي: المعرفة والتاريخ: ١/ ٤٦٨، أبو نعيم: حلية الأولياء: ٢/ ١٦١، ابن حجر: التهذيب: ٤/ ٨٤.
وقد أورد هذا القول الماوردي في النكت والعيون: ٣/ ٣٣٣ ونسبه إلى أنس بن مالك وابن المسيب.
(٤) أورد ابن العربي هذا القول في الأحكام: ١٥٦١ ونسبه إلى الشعبي، ونسبه الماوردي في النكت والعيون: ٣/ ٣٣٣ إلى الشافعي.


الصفحة التالية
Icon