الكل منهم قد أجمع على أن الحر أوسع في باب التحليل، فإنه تطلّق عليه بالحرية ثلاثاً، وتطلّق على العبد بالعبودية طلقتين، فإذا تفاوت في ذلك مرتبة الأمة بين الرق والحرية، فأولى وأحرى أن يفضل في ذلك مرتبة النبوة لهم، وتكون أوفى من منزلتهم.
المسألة السادسة عشر:
قوله: ﴿مَا فَرَضْنَا﴾ وقد قدمنا قوله: ﴿فَرَضْنَا﴾ في موارد اللغة والشريعة بأبلغ بيان، ومنها أن معنى قوله: ﴿فَرَضْنَا﴾: أوجبنا وألزمنا، ومنه قدرنا، وليس يتجه أن يكون معنى قوله تعالى ها هنا: ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ﴾ بمعنى أوجبنا وألزمنا، لأن منه ما هو وجوب وإلزام، ومنه ما هو تحريم وحظر، وقد جرى ذلك، فلو قلنا أن معنى قوله: ﴿فَرَضْنَا﴾ أوجبنا وألزمنا، لرجع ذلك إلى بعض ما تقدم ذكره، واقتضى بيان بعض ما وقع التكليف به في المعنى، فوجب أن يرجع التفسير إلى معنى ينظم الكل ويتناول الجميع وهو قوله: (قدّرنا) فإن الذي كتب تعالى وأوجب وألزم مقدّر، والذي حرم وحظر ومنع مقدّر، والتقدير يأتي على ذلك كله، فيجب أن يقال أن معنى قوله: ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ﴾ أي قدرنا من فرض ومحظور وشرط ومشروط.
المسألة السابعة عشر:
﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ تقدم تفسير قوله: ﴿غَفُورًا﴾ وتفسير قوله: ﴿رَحِيمًا﴾، ووجه الِإخبار عنه بكان في كتاب "الأمد الأقصى" (١) و "المشكلين" فلا معنى لتكراره.
وحول تفسير قوله: ﴿رَحِيمًا﴾ انظر: الأمد الأقصى: ٧٥/ أ، المتوسط في الاعتقاد: لوحة: ٥٣.