قطعاً، فإما أن يكون معناه: يوم تجد كل نفس ما عملت مكتوباً، أو موزوناً، أو ثواباً، أو عطاء، وكله مجاز على الوجه الذي قدمناه فاحمله عليه.
فإن قيل: فهلا جمعت في القرآن كتاباً على نحو ما ذكرته لنا ها هنا مثالاً (١)، فيكون لك أجراً جارياً بعدك، ومنفعة للناس في استبصارهم بك، فأما هذا القانون فإنما هو منهاج للعالم المستبصر، ووصية للذكي اللوذعي، والناس رجلان: عاجز بسوسه (٢) أو بسبب من أسباب الدنيا، أو مقصر، وكلاهما كان يجد هذا الكتاب ملجأ وملاذاً وسلماً للمعرفتين:
أحدهما: التوصل إلى الغاية.
والثانية: إطلاع المقصر على طريق، إنْ لَمْ يَقْدِرْ على سلوكها أمِنَ بِهَا.
فالجواب:
إنا كنا أملينا في القرآن كما قدمنا كتاباً موعباً "أنوار الفجر في مجالس الذكر" قريباً من عشرين ألف ورقة (٣)، في نحو من عشرين عاماً، ولكنه لم ينضبط للخلق، وإنما حصل كل واحد منهم جزءاً دون جزء، وفي وقت دون وقت، بحسب الفشل والنشاط، وعلى قدر عدم العوائق.
(٢) أيْ بِطَبْعِهِ.
(٣) الذي نقله ابن فرحون في الديباج: ٢٨٣ عن المؤلف في كتابه "القبس" أن كتاب "أنوار الفجر" يقع في ثمانين ألف ورقة، وهذا يناقض ما معنا في "قانون التأويل" فهل أخطأ ابن فرحون في النقل؟ هذا ما تبادر إلى ذهني أول وهلة، ولكن بعد رجوعي إلى "القبس": ٣١٨ (المخطوط السابق) وجدت أن ابن العربي قال فيه: "وقد كنا أملينا فيه (أي في التفسير) في كتاب "أنوار الفجر" في عشرين عاماً ثمانين ألف ورقة، وتفرقت بين أيدي الناس، وحصل عند كل طائفة منها فن، وندبتهم إلى أن يجمعوا منها ولو عشرين ألفاً، وهي أصولها التي ينبني عليها سواها، وينظمها على علوم القرآن الثلانة: التوحيد، الأحكام، التذكير... " قلت: وبعد الاطلاع على هذا الكلام اتضح المبهم وزال الإشكال.