ومنهم من يكون مخلّى مع الخلق، فيبعث الله إليه ملكاً من ملوك الدنيا يعضده على تبليغ أمر ربه، ويحميه وإن كان لا يعتقد ما يقوله.
ومنهم من لا يعضده بجند ولا قوة، ولا يكيف له من البشر أحداً، فيجترىء عليه الملأ بالإهانة والقتل، فإن شاء حماه كما فعل بنوح، وإن شاء ابتلاه كما فعل بيحيى.
وهذه كلها سنن الله في عباده، وأسوته في خلقه، فإنه خالف أحوال الأنبياء ونوَّعها بين النعمة والبلاء، لتكون سلوة لمن أتى، وإليه الِإشارة عند بعضهم بقوله: ﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾ [الإسراء: ٧١].
قيل بمعبودهم، وقيل: برسولهم (١).
وقيل: بمن قلدوا كمالك والشافعي (٢).
وقيل في طرف آخر بإبليس في الجن، وآدم في الإنس.
وقيل في طريق آخر بإبراهيم في الموقنين، ويعقوب في المحزونين، وبيوسف في المسجونين، وبأيوب في الصابرين، وبموسى في المخلصين، وبعيسى في الزاهدين، وبمحمد إمام الخلق أجمعين.
فإن قيل: فقد نهجت في التفسير سُبُلاً وأوضحت للسالك دَلَلاً،
فكيف التخلص للسائر فيها مع الوعيد الوارد في تفسير القرآن بالرأي (٣)، وأنى يسوغ التسور مع ذلك عليها بالأقوال من غير نقل.
(٢) انظر لطائف الإشارات: ٤/ ٣٤.
(٣) أخرج الترمذي في التفسير رقم: ٢٩٥٣ عن جُنْد بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول =