الثانية: الأخذ بمطلق اللغة، فإن القرآن أُنْزِلَ بلسان عربي مبين.
الثالثة: التفسير بالمقتضى من معنى الكلام، والمقتضب من قوة المنزع، وهذا هو الذي أخبر عنه النبي - ﷺ - تأويل دعائه الله في هبته لابن عباس فقال:
"اللهُم فَقِّهْهُ في الدِّينِ، وَعَلمْهُ التأوِيل" (١) وهي أحد أقوال العلماء: الحكمة التي يؤتيها الله من يشاء في قوله: ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البقرة: ٢٦٩].
ومن ها هنا اختلف الصحابة في معنى الآية (٢)؟ فأخذ كل أحد في رأيه على منتهى نظره في المقتضى.
والضابط لهذا كله أن يكون الناظر في القرآن يلحظه بعين التقوى، ولا يميل به إلى رأي أحد للهوى، وإنما ينظر إليه من ذاته ابتغاء علم الله ومرضاته، وهو الأول.
الثاني: أن يكون نظره بعد استقلاله بشروط النظر كما قدمنا، ولا يسترسل على جميعه، وهو لم يستوف شروط الناظر فيه، فَإِنَّ أصْلَ التخليط في تفسير من تسور -ممن لا يستكمل شروط النظر فيه- عليه.
(١) أخرجه بهذا اللفظ الإِمام أحمد في مسنده: ٤/ ١٢٧، ٣١٦ وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح، والفسوي في كتابه "المعرفة والتاريخ": ١/ ٤٩٤ وابن سعد في الطبقات: ٢/ ٣٦٥، والحاكم في المستدرك ٣/ ٥٣٤ وصححه ووافقه الذهبي.
(٢) انظر أقوال الصحابة رضي الله عنهم في الدر المنثور للسيوطي: ٢/ ٦٦ (ط: دار الفكر: ١٩٨٣).