فأما كونه محكماً كله فبمعانٍ كثيرة:
منها اطراده في البلاغة، وانتظامه في سلك الفصاحة، واستواء أجزاء كلماته في أداء المعنى، من غير حشو يستغنى عنه، أو نقصان يخل به، واختصار القول الطويل الدال على المعنى الكثير.
قال الأصمعي (١): كنت في بعض أحياء العرب، فإذا بجارية صغيرة السنن وهي تقول:
قبلت محبوباً بغير حلة | مثل الغزال قائماً في دلة (٢) |
قالت: أبلغ من ذلك من جمع في آية واحدة بين أمرين ونهيين وخبرين، وبشارتين، وذلك قوله: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى.... -إلى قوله- الْمُرْسَلِينَ﴾ [القصص: ٧].
فقدله: ﴿وَأَوْحَيْنَا﴾ وقوله ﴿فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ﴾ خبران.
وقوله: ﴿وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي﴾ نهيان.
وقوله: ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ بشارتان.
وقد قال أهل الِإشارة: في القرآن ثلاث آيات جمعت بين عذرين
= الخزانة العامة ٢٥ جـ) لوحة: ٢٦٨ (مخطوط الخزانة العامة: ١٩١٦)، ولمعرفة القول الفصل انطر "الإكليل في المتشابه والتأويل" لابن تيمية (ضمن مجموعة الرسائل الكبرى ط: صبيح ١٩٦٦).
(١) هو عبد الملك بن قُرَيْب، إمام من أئمة اللغة، روى عنه أبو عبيد القاسم بن سلام وغيره، توفي: ٢١٦، انظر عنه: ابن قتيبة: المعارف: ٥٤٣، أبو الطيب اللغوي: مراتب النحويين: ٨٠ - ١٠٥، التنوخي: أخبار العلماء النحويين: ٢١٨ - ٢٢٤.
(٢) الدَلُّ هُوَ الغُنْجُ وَالشَكْلُ.
(١) هو عبد الملك بن قُرَيْب، إمام من أئمة اللغة، روى عنه أبو عبيد القاسم بن سلام وغيره، توفي: ٢١٦، انظر عنه: ابن قتيبة: المعارف: ٥٤٣، أبو الطيب اللغوي: مراتب النحويين: ٨٠ - ١٠٥، التنوخي: أخبار العلماء النحويين: ٢١٨ - ٢٢٤.
(٢) الدَلُّ هُوَ الغُنْجُ وَالشَكْلُ.