غَيْرِ سَيِّدِهِ، فَأيكُمْ يَرْضَى أنْ يَكُونَ كَذَلِكَ؟ وذكر الخصال الخمس إلى آخرها (١)... وتحقيقه: ألاَّ تقصد بعملك حظ نفسك المختصة بك، فكيف أن تعلقه بغيرك، فإن تطيبت مثلاً، فلا تقل هذا الطيب لعطري وعطر أهلي، ولكن قل: هو لملائكة ربي والاقتداء بسنة نبيي، وهذا الأكل ليس للذتي، وإنما للقوة على عبادة ربي.
وفي الحديث الصحيح قال النبي - ﷺ -: "أوَّلُ الناسِ يُقْضَى فِيهِ يَوْم القِيَامَةِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا فَيَقُول لَهُ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتى استشهدتُ، قَالَ الله: كذَبْتَ، وَلَكِنكِ أرَدْتَ أن يقَالَ فُلَان شُجَاعٌ، فَقَدْ قِيلَ، وَيُؤْمَرُ بِهِ في النَّارِ.
وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ وَعَلَّمَه وَقَرأ ألْقُرْآنَ فَأتِيَ بهِ فَعَرفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلمْت العِلْمَ وَعَلمْتُهُ، وَقَرأتُ فِيكَ القُرْآنَ، قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَكَ أرَدْتَ أنْ يقَالَ فُلَانٌ قَارِىءٌ وَقَدْ قِيلَ، ثُم أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ في النارِ"، وذكر في الجواد مثله (٢).
ومما يعينك على صحة الِإخلاص وتجريد النية من الشوائب لغير الله: الصدق (٣): فإنك إن قررت السؤال عن علمك في دنياك وآخرتك،
(٢) أخرجه -مع اختلاف في الألفاظ- مسلم في الإمارة رقم ١٩٠٥، والترمذي في الزهد رقم: ٢٣٨٣، والنسائي في الجهاد: ٦/ ٢٣، والخطيب البغدادي في كتابه "اقتضاء العلم للعمل": ١٠٧، وابن عبد البر في جامع بيان العلم: ٢ - ٣.
(٣) قال المؤلف في السراج: ٦٩/ ب "حقيقة الصدق هو الثبوت في جميع الأعمال والأحوال على قدم الحق، والاستمرار في جميع الأحوال على حكم الشرع، وذلك في ثلاثة وجوه: صدق في =