وأما المراء (١) فهي المجادلة فيما تعلم أنه باطل، أو على معنى البدعة، فإن المبتدع يجادل في آي القرآن عن اعتقاد ونية في ذلك أنه حق وهو باطل، قال النبي - ﷺ -: "المِرَاءُ في القُرْآنِ كُفْر" (٢) وإنما كان كفراً لأنه يكفي أن يعتقد هو بدعته في نفسه، حتى يَدَّعِي أن الله أرادها معه، وهذه جرأة على الله وكفر به سبحانه وتعالى، وهذا مما لا نظير له، وما وجدناه لغيرنا.
وأما المزاح، فهو تكلم بما لا يعني، وتركه من محاسن الإِسلام.
قال النبي - ﷺ -: "مِنْ حُسْنِ إسْلَامِ المَرْء تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ" (٣).
وقد سمعت الطرطوشي يقول: المازح جاهل، قال الله سبحانه مخبراً عن بني إسرائيل وموسى:
﴿أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [البقرة: ٦٧]، قلت: والذي عندي أنه إذاً كان في جواب الدين كان جهلاً، وإذا كان في لهو الدنيا فهو بمنزلة الكلام حكمه حكمه، وصفته صفته.
فإذا طهّرت قلبك من غير الله، ولسانك عن هذه الآفات، فقد أسست
(٢) أخرجه أبو داود في السنة رقم: ٤٦٠٣، والحاكم في المستدرك، كتاب التفسير: ٢/ ٢٢٣ وصححه ووافقه الذهبي، وصححه شيخنا ناصر الدين الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: ١/ ٦١ ما أخرجه الإِمام أحمد في المسند ٢/ ٢٨٦، والآجري في الشريعة: ٦٧، والنسائي في فضائل القرآن: ١٢٠، وأبو نعيم في الحيلة: ٩٨، ٢١٣، وفي أخبار أصبهان: ٢/ ١٢٣، والخطيب في ""تاريخ بغداد: ١١/ ١٣٦.
(٣) أخرجه الإِمام مالك في الموطأ: ٢/ ٩٠٣ كتاب حسن الخلق، والترمذي في الزهد رقم: ٣٢١٨.