وليس معنى قولهم: "الأخلاق في القرآن" أن يستقصي الباحث في كتاب الله كل خلق حثّ عليه القرآن، وكل خلق نفّر منه؛ ليجمع فيه الآيات لدراستها دراسة موضوعية، فهذا يستغرق كما نرى زمن طويلًا، وقد يقع في مجلدات تشكل موسعة في أخلاق القرآن، مما تصعب الإحاطة به، وإنما يعني هذا القول أنّ يؤصِّل من يكتب في التفسير الموضوعي للأخلاق في القرآن، بأن يبيّن ما تعنيه الأخلاق في لغتتنا العربية، وعند العلماء الذين اعتنوا بدراسة الأخلاق، وأن يبيّن الأسس التي أقيمت عليها أخلاق القرآن، وكيف دعا القرآن لمكارم الأخلاق، وكيف نفّر من الأخلاق السيئة، ثم له أن يختار بعض الأخلاق في القرآن ليتحدث عنها وفق منهج التفسير الموضوعي للقرآن الكريم.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
ندرس هذا الموضوع من خلال العناصر التالية:
أولًا: ورود كلمة المعروف في القرآن الكريم وما تدل عليه.
ثانيًا: ورود كلمة المنكر في القرآن الكريم وما يقصد بها.
ثالثًا: ما ورد في السنة وأقوال السلف في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
رابعًا: بواعث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
خامسًا: من له الحق في أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
سادسًا: أثر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في إصلاح المجتمعات.
وقد وردت مادة العين والراء والفاء عدة مرات في كتاب الله، كما وردت مادة النون والكاف والراء عدة مرات كذلك، وهي غالبًا تأتي مقترنة بالمعروف، وأحيانًا تنفرد كلّ منهما فتذكر وحدها، والذي يعنينا منها ما له صلة بموضوع