هذا يصحّ أن يقال: صدق لكون المخبر عنه كذلك، ويصح أن يُقال كذب لمخالفة قوله ضميرًا، وبالوجه الثاني: أكذب الله المنافقين حين قالوا: ﴿نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ﴾ (المنافقون: ١) الآية، والصديق من كثر منه الصدق، وقيل: لمن لم يكذب قط، وقيل: لمن لا يتأتَّى منه الكذب لتعوده الصدق، وقيل لمن صدق بقوله واعتقاده، وحقق صدقه بفعله... إلى آخر ما قال الراغب الأصفهاني.
هذه إذًا هي معاني الصدق التي ساقها الأئمة، وكلها قائمة على أن الصدق قوة وثبات، وإحاطة، وجمع للأوصاف المحمودة، وجمع للكمال في كل شيء.
الصدق في القرآن الكريم والسنة المطهرة
فإذا ما نظرنا في كتاب الله لنرى كيف ساق القرآن هذه الكلمة، وهذه المادة مادة الصدق لنعرف، ولنستنتج منها العبر والدروس، حين نستعرض هذه المادة في القرآن الكريم نجدها قد ذُكرت خمس وخمسين ومائة مرة، وذكر الآيات التي وردت فيها هذه المادة لا يتَّسع له وقت هذه المحاضرة، ولكن في مجال التفسير الموضوعي للقرآن الكريم يكفينا أن نقف عند هذه الآيات لنقسّمها إلى مجموعات، كل مجموعة تمثل عنصرًا من عناصر الموضوع، وباجتماع هذه العناصر يبدو الموضوع مشرقًا متكاملًا يدل على عظمة القرآن فيما أرسى من القواعد، وأقام من البنيان.
والصدق بناء قام على أساس من أخلاق القرآن، والتي بنيت على توحيد الله والإيمان برسوله، ولو تأمَّلت في الآيات سوف تجد أنها تتحدَّث عن الصدق باعتباره صفة لله وصفة لرسوله، بل وصفة لرسل الله وصفة لأهل الإيمان، وتتحدث عن الصدق وصفًا لمكان أو شيء له أهميته، كما ترى في قوله: