وإن المسلم يستجيب في معاملته لزوجته إلى ما أوصاه به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يوقن أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أوصاه إلا بما فيه سعادته، وقد قال صلوات الله وسلامه عليه: ((استوصوا بالنساء خيرًا)) وبيّن سر هذه الوصية فقال: ((إنما هن عندكم عَوَان)) أي: أسرى أو كالأسرى، وقال: ((إنما أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله)).
فهذه المرأة التي انتقلت إليك من بيت أبيها، وأصبحت في بيتك كالأسيرة، لا تخرج من بيتك إلا بإذنك، ولا تتصرف في شيء إلا بتوجيه منك ورضا، إنها أمانة استأمنك الله عليها، وأمر آخر أعظم وأكبر هو أن الله أحل لك أن تطلع منها على ما لا يجوز لأب أو لأم، أو لأحد أن يطلع عليه، فمن الذي أعطاك هذا الحق؟ إنه الله، حين أخذت هذه الفتاة بكلمته قلت لوليها: زوجني فقال لك: زوجتك.
فمن يتأمل في ذلك يراه أمرًا يدعو الرجل إلى أن يغض الطرف عن هفوات كثيرة، وإلى أن ينظر إلى الجوانب المشرقة والمضيئة عند زوجته، ويستطيع أن يستوعب التوجيه النبوي الذي ذكرناه من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقًا رضي منها آخر)).
إلى غير ذلك من التوجيهات للأزواج، ويقابلها تذكير للزوجات بحسن عشرة أزواجهن، والقيام بحقهم، وأنها وقد انتقلت من بيت أبيها إلى بيت زوجها، إنما انتقلت إلى عشرة أبدية متواصلة، لا تقتصر على الدنيا، إنما تمتد إلى الآخرة في جنات النعيم، ولهذه الحياة التي تفوق سنوات أمضتها في كنف أبويها وأهلها حقوق في أدائها رضا الله، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي من أي أبواب الجنة شئت)).