تحقيق الأهداف التي ذكرت من أجلها القصة، وقصص القرآن ليست مجرد أحداث يرويها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويرتب مقدماتها ونتائجها، إنما هي وحي العليم الخبير الذي أحاط بكل شيء علمًا، لرسوله المصطفى -صلى الله عليه وسلم- فهي الصدق بعينه لا مجال فيها لخيال، كما يفعل كتاب القصة ورواتها.
ونحن حين نقول القصة في القرآن الكريم، لا يعني هذا العنوان تتبع ما جاء في القرآن من قصص، وعرض كل قصة بأحداثها، والوقوف أمام الدروس المستفادة منها، فقد ألفت في ذلك الكتب، ومن المؤلفين من كتب في قصص الأنبياء، ومنهم من كتب في قصص غير الأنبياء، كقصة أصحاب الكهف وقصة أصحاب الجنتين، ومنهم من جمع هذا أو ذاك في كتاب، ومنهم من أفرد كل قصة في كتيب وهكذا.
ولكننا في مجال التفسير الموضوعي نعرض لتأصيل القصة في القرآن، ونبين أن ما ذكر في القرآن الكريم منها هو عين الحقيقة، ونوضح السبب في تكرار القصة في القرآن بين الإطناب والاختصار، ونستخلص بعض الدروس والعبر من ورود القصة في القرآن، ثم نقف أمام الآيات التي وردت فيها مادة القاف والصاد والصاد؛ لنرى كيف استعملها القرآن الكريم، ثم نعرض لبعض قصص القرآن بالدراسة، فنجمع الآيات الواردة في القصة، وندرسها مجتمعة دراسة موضوعية، فتبدو لنا مشرقة بالدروس النافعة والعظات البالغة، فماذا جاء في كتاب ربنا؟:
وردت هذه المادة تسع وعشرون مرة، منها ما جاء في سورة "القصص" من قول أم موسى لابنتها: ﴿وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ (القصص: ١١) أي: تتبعي أخباره، وانظري إلى أين ذهب الصندوق الذي وضع فيه موسى، وألقي به في نهر النيل، وتتبع أثر موسى والبحث عن أخباره ليس من موضوعنا،