أول ما نلتقطه هو ما ذكرناه في سورة "يوسف"، أن في هذا الإخبار دليلًا على أن محمدًا هو رسول الله حقًا، ذلكم حيث يقول الله له: ﴿وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ * وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ (القصص: ٤٤ - ٤٦).
فهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن هناك ولم يشاهد ما حدث، فمن الذي أخبره؟ الذي أخبره هو الذي أوحى إليه بهذا القرآن، فهذا دليل على صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما بلغ عن ربه وأنه رسول الله حقًّا، وعلى طريقة القرآن بعد أن ساق هذا الدليل المقنع، والذي كان لا بد أن يسوقهم إلى الإيمان بما جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لذلك يهددهم ويتوعدهم، وأنهم إن لم يستجيبوا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنهم إنما يتبعون أهواءهم وهم ظلمة: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ (القصص: ٥٠).
ويسلي الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- بأن الهداية بيده -سبحانه وتعالى- فيقول: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ (القصص: ٥٦) كما ذكر ذلك أيضًا في قصة يوسف -عليه السلام- وتسير الآيات تهدد وتتوعد، وتذكر جملة من الأدلة على أن الله هو الواحد الأحد، له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون، إلى آخر ما ذكر الله في هذه السورة الكريمة، وما فيها من دروس وما فيها من عظة.
ذكر الله -عز وجل- في أواخر سورة "هود": ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ * وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ﴾ (هود: ١٠٠، ١٠١).