والكهف: غار في الجبل كغار حراء وغار ثور، إلا أن الكهف أكبر من الغار شيئًا، والرقيم: الكتاب، وكتاب مرقوم، أي: مكتوب فيه أسماؤهم.
قال سعيد بن جبير: "الرقيم: لوح من حجارة كتبوا فيه قصص أصحاب الكهف، ثم وضعوه على باب الكهف، والذي كتب ذلك هم من شاهدوا ما كان من أمر الفتية، أو من جاءوا بعد ذلك، فبقي هذا الأثر شاهد صدق على قدرة الله على بعث خلقه، وعلى ما كان من إخلاص هؤلاء الفتية، الذين فروا بدينهم إلى هذا الكهف".
وللقرآن طريقته في عرض قصصه، فهو أحيانًا يوجزها ويلخصها لتكون بهذا الإيجاز أولًا، قبل بداية الحديث عن تفاصيلها درسًا مجملًا، يؤدي دوره في تثبيت الأهداف العالية التي ذكرت لها القصة، كما نشاهده في قصة أصحاب الكهف، وأحيانًا يذكر أولًا عاقبة القصة ومغزاها، ثم تبدأ القصة بعد ذلك من أولها وتسير بتفصيل خطواتها، وذلك كقصة موسى في سورة "القصص"، ومرة تذكر القصة مباشرة بلا مقدمة ولا تلخيص، كما ترى في قصة مريم عند مولد عيسى -عليه السلام- وكذلك قصة سليمان مع النمل والهدهد وبلقيس، فانظروا كيف بدأت القصة.
هذا تلخيص موجز تقرؤه في قول الله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا * إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا * فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا * ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا﴾ (الكهف: ٩ - ١٢).
في هذه الآيات الأربع يقول الله لرسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- ولكل من يتأتى له الخطاب، من يوم نزول هذه الآيات وإلى آخر الزمان، يقول -جل وعلا- متسائلًا: أم حسبت أن أصحاب الكهف