هذا الولد إلهًا يعبد معه أو من دونه، وهذا القول لا دليل عليه عندهم ولا عند آبائهم من قَبل. قال تعالى: ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾ (الكهف: ٥).
وهنا يواسي ربنا رسوله وهو يعاتبه على حزنه لعدم إيمانهم، حتى ليكاد يقتل نفسه حزنًا عليهم، فيذكر له أنه -جل وعلا- جعل ما على الأرض زينة لها، اختبارًا لمن على وجه الأرض؛ ليظهر من شكر ومن كفر، ثم تكون النهاية بانتهاء الحياة وبعث الناس والحساب، وهنا سوف يكون حساب الله لهؤلاء الجاحدين المنكرين، بعد هذه الآيات تأتي قصة أصحاب الكهف تقرر هذه المعاني وتؤكدها، فتذكر أن الفتية آمنوا بالله الواحد الأحد فقالوا: ﴿رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا﴾ (الكهف: ١٤).
وفي نهاية القصة تقرأ قول الله تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا﴾ (الكهف: ٢٦) فهذا تقرير للوحدانية كما ترى إعلاء قدر الإيمان في أول آية في القصة: ﴿إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾ (الكهف: ١٠) فقد تركوا النعيم وزينة الحياة الدنيا وأحسوا بالراحة في الكهف، واتجهوا لربهم يدعونه بهذا الدعاء، الذي يحمل الكثير من حسن الإقبال على الله.
وهذا أيضًا ما تقرؤه في قول الله تعالى: ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا﴾ (الكهف: ١٦)،


الصفحة التالية
Icon