وهذا أمرٌ لبني إسرائيل الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، وهو نفس الأمر لأهل الإسلام: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ (البقرة: ١٥٣)، وجزاء الصابرين عظيم ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ (الزمر: ١٠)، ﴿وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾ (الرعد: ٢٣، ٢٤)، ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ (البقرة: ١٥٦، ١٥٧)، ﴿وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (النحل: ٩٦)، ﴿إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ (المؤمنون: ١١١)، ﴿إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (يوسف: ٩٠) إلى غير ذلك من الآيات.
وليس من موضوعنا أن نتحدث عن الصبر في القرآن والسنة، إنما نتحدث عنه باعتباره ركيزة أساسية للدعاة، وصفة عظيمة من صفاتهم، مَن لم يتحلّ بها سقط في أول الطريق، فكم في الطريق من عقبات وابتلاءات تحتاج إلى رباطة الجأش وقوة اليقين وتحمل الأذى، والصبر لله ومن أجله، ومن صبر ظفر وفاز في الدنيا والآخرة.
ومن أبرز صفات الداعية: الصدق والأمانة، فهو مبلّغ عن الله ورسوله، ولو كذب أو خان فعُرِفَ ذلك منه، لم يثق أحد في حديثه، ولم يستطع أداء رسالته، بل ربما كان وبالًا على ما يدعو إليه، ولعله لا يغيب عنكم أنّ الصدق في الداعية، هو الأساس الذي يشاد عليه البناء، وهو المدخل لإقناع الآخرين بما يقول، ولذلك ترَوَن أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أُمِر بتبليغ الدعوة وقف على الصفا ونادى بطون مكة، فلما اجتمعوا إليه لم يقل لهم من البداية إنّ الله اختاره رسولًا