رد قوم نوح عليه وكيفية استقبالهم لدعوته
فماذا كان من ردِّ قومه عليه؟ وكيف استقبلوا هذه الدعوة الكريمة؟:
يتابع القرآن عرض ذلك فيقول: ﴿قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ (الأعراف: ٦٠)، والملأ كما يقول الراغب في (المفردات): جماعة يجتمعون على رأي، فيملئون العيون رواء ومنظرًا، والنفوس بهاء وجلالًا، فالملأ عظماء القوم وسادتهم، وهؤلاء عقبة الإصلاح في كل زمان ومكان، ترتعد فرائسهم إذا ما استمعوا إلى دعاة الحق، وتوهموا أنهم سيسلبونهم مكانتهم ومنزلتهم وما فرضوه على الناس من عبودية وتسخير، ولهذا كانت المواجهة عنيفة عبر التاريخ بين هؤلاء المستكبرين الطغاة، ومن أرسلهم الله لخلقه يدعونهم إلى عبادة الله والإيمان باليوم الآخر.
وفيما ذكر الله من قصص أنبيائه تقرأ هذه العبارات: ﴿قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ﴾ (المؤمنون: ٣٣)، ﴿قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ﴾ (الأعراف: ٦٦)، ﴿قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا﴾ (الأعراف: ٧٥)، ﴿قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ﴾ (الأعراف: ١٠٩)، وهكذا، إنهم أصحاب السلطان والجاه والأموال والمناصب، ليسو على استعداد ليستمعوا مجرَّد استماع إلى هؤلاء الرسل، فضلًا عن أن يدخلوا معهم في دينهم، ليكونوا تبعًا لهؤلاء المرسلين، إنهم القادة والسادة، فكيف يكونون عبادًا لرب العالمين يقتدون بأنبياء الله ورسله؟! ولهذا قالوا له مؤكدين قولهم: ﴿إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ (الأعراف: ٦٠).


الصفحة التالية
Icon