إلى طرق السداد والرشاد، لتكون الدعوة إلى الله من خلال بناء بيوت الله، وتشييدها والمحافظة عليها، وإقامة شعائر الله فيها، رافدًا مهمًّا لتبليغ كلمة الله، وكم للمساجد من دور فعال في جمع كلمة المسلمين ووحدتهم، وتعليمهم وتثبيت أقدامهم، وهذا يحتاج إلى إعداد داعية يمتلك من وسائل التأثير والإقناع، ما يستطيع به أن يستفيد من وجود المسلمين في مساجدهم؛ ليجعل منهم قوة تحمي الحق وتذود عن دين الله.
وفي مدرسة إبراهيم في الدعوة إلى الله، ما نراه في دعوته لعباد الأصنام وعباد الكواكب، وعباد الأصنام كانوا في العراق في بابل، ومِن عظم البلية أن يكون آزر -والد إبراهيم- هو الذي يصنع الأصنام لقومه، فالمسألة ليست في أبيه الذي يعبد الأصنام، إنما في أبيه الذي يصنع الأصنام، فكيف فعل إبراهيم، وهو الوحيد في هذه الأرض الذي يؤمن بالله إلهًا واحدًا، ولم يؤمن معه سوى زوجه سارة وابن أخيه لوط.
إنه بدأ الدعوة لقومه بأبيه، فوجه إليه الدعوة في أدب ولطف، وبيان القرآن لهذا ليس بعده بيان. يقول تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا * قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا * قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا * وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا * فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا * وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا﴾ (مريم: ٤١ - ٥٠).