وإلهًا مقصودًا، وما يأتي به الرسول من شريعة غراء، تنكشف بها الظلمات ويحيا الناس في ظلها آمنين مطمئنين، وترغيبًا لهم في اتباعه ذكر لهم أنه لم يأتِ مكذبًا للتوراة، هادمًا لما جاءت به، لكنه جاء مصدقًا لها فيما دعت إليه من توحيد، وما جاءت به من أحكام ثابتة، وإن كان قد أضاف إليها أو عدل في بعض أحكامها بوحي من الله، بعض ما يتناسب مع عصره، ولذلك لما ذكر في "المائدة" أنه أنزل التوراة فيها هدى ونور، قال في عيسى والإنجيل: ﴿وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾ (المائدة: ٤٦).
ثم قال في القرآن: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ﴾ (المائدة: ٤٨) ثم بشرهم بنبي آخر الزمان الذي سيختم الله به الرسالات فقال: ﴿وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ (الصف: ٦).
فساق لهم بشارة عظيمة، وأخبرهم أن هذا الرسول المبشر به رسول عظيم، وأن اسمه أحمد، ولرسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- عدة أسماء منها أنه أحمد، أي: أحمد الحامدين، وذلك لتتناقل الأجيال من بعد عيسى هذه البشارة، حتى إذا ما أذن الله ببعثته، كان عليهم أن يؤمنوا به، وفي الإيمان به عزة ونجاة.
وقد ذكر الله في كتابه أن كل رسول أرسله الله أوصى أمته أن تؤمن بالنبي الخاتم وأن تنصره؛ إعلاءً للحق وتأييدًا لدين الله، قال عز وجل: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ


الصفحة التالية
Icon