فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (آل عمران: ٨١، ٨٢).
ولهذا يجد اليهود والنصارى في التوراة والإنجيل ما أوحاه الله لموسى وعيسى، مِن بيان لصفات هذا النبي، ومن دعوتهم للإيمان به ونصرته. قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾ (الأعراف: ١٥٨) ومع هذه الدلائل الواضحة والدعوة الهادفة، ردوا دعوته، وظنوا أن ما أتى به من المعجزات إنما هو من باب السحر. قال تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ (الصف: ٦).
دعوة النبي الخاتم محمد -صلى الله عليه وسلم-
وإذا كان هذا النموذج وما قبله من دعوة عيسى -عليه السلام- وكم في دعوة عيسى من النماذج، وكل نموذج منها فيه الكثير من الدروس النافعة والعظات البالغة، فإننا فيما تبقى لنا من الوقت نريد أن ننتقل للنبي الخاتم محمد -صلى الله عليه وسلم- لنلتقط من دعوته بعض الجواهر الغالية، والنماذج المضيئة، ودعوته -صلى الله عليه وسلم- مليئة بهذه النماذج؛ لما امتازت به من الخصائص، فهي دعوة عالمية، فقد كان كل رسول يرسل إلى قومه خاصة، وأرسل محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى الناس كافة، وهي كلمة الله الأخيرة للعالمين، فلا نبي بعد محمد ولا كتاب بعد القرآن العظيم.
ولعلنا لو تأملنا في كتاب الله لنأخذ بعض النماذج، التي توضح طريقة رسول الله في دعوته؛ لوجدنا القرآن نفسه في طريقة إنزاله، وما له من الخصائص، خير نموذج