الإجابة الاعتراف بأنه كذلك، فيأمر الله رسوله أن يؤنبهم على هذا الخلل في تفكيرهم وسلوكهم، قائلًا لهم: ﴿أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾ ثم يأخذ بأيديهم إلى طريق النجاة وهو يقول: ﴿فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾.
وكم في هذه الكلمات من دعوة للرجوع للحق، لعلك تلمح معي يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تأخذ بأيديهم في رفق لتضعها على الحقيقة التي لا سبيل إلى إنكارها، ليقول لهم: فذلكم الرب الذي اعترفتم بأنه الرازق المهيمن، القوي القادر، الذي يدبر أمر الخلائق، هو الله الذي رباكم على موائد كرمه، وهو ربكم الحق.
ثم يسألهم مخوفًا من عاقبة إنكارهم، وأنه ليس هناك بعد الحق إلا الضلال ويقول لهم: ﴿فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾ إن الطرق كلها مسدودة إلا هذا الطريق، طريق الحق، فأين يذهب هؤلاء! ويختم هذه الجولة بتهديدهم من الحرمان من شرف الإيمان، إن استمروا على عنادهم فيقول: ﴿كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾.
ثم يعود ليسير بهم ومعهم جولة أخرى، حين يأمر الله رسوله أن يسألهم سؤال تقرير وتوبيخ قائلًا: ﴿قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ وهم يقرون أن شركاءهم ضعاف لا يقدرون على ذلك، ويوالي القرآن أسئلته موبخًا لهم وهو يقول: ﴿قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمْ مَنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾.
فانظر إلى قوله: ﴿فَمَا لَكُمْ﴾ وهذا السؤال: