سوف نجد أيضًا في ما رواه الإمام البخاري من حديث سعد بن أبي وقاص أنه نزلت فيه آيات من القرآن، قال: حلفت أم سعد إلا تكلمه أبدًا حتى يكفر بدينه ولا تأكل ولا تشرب، قالت: زعمت أن الله وصاك بوالديك وأنا أمك وأنا آمرك بهذا، قال: مكثت ثلاثًا حتى غشي عليها من الجهد أي من المشقة والتعب، فقام ابن لها يقال له عمارة فسقاها، فجعلت تدعو على سعد، فأنزل الله -عز وجل- في القرآن هذه الآية: ﴿وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا و َإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي﴾ وفيها: ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ (لقمان: ١٥).
إذًا الطاعة والبر والإحسان إنما يكون في طاعة الله لا معصية الله، وأعظم المعاصي وأكبرها وأشدها جرمًا هو الكفر بالله والإشراك بالله فهذا لا طاعة فيه لأحد.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: ((أقبل رجل إلى نبي الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: أبياعك على الهجرة والجهاد؛ أبتغي الأجر من الله، قال: فهل من والديك أحدٌ حي؟ قال: نعم، بل كلاهما، قال: فتبتغي الأجر من الله؟ قال: نعم، قال: فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما))، وفي هذا بيان لعظم صحبة الأبوين بالإحسان كليهما.
وهناك أيضًا حديث عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة: عيسى ابن مريم، وصاحب جريج، وكان جريج رجل عابد فاتخذ صومعة، فكان فيها فأتته أمه وهو يصلي فقالت: يا جرير فقال: يا رب أمي وصلاتي -يعني: كيف أختار بينهما- فأقبل على صلاته فانصرفت، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي فقالت: يا جريج، فقال: يا رب أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته فانصرفت، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي، فقالت: يا جريج،


الصفحة التالية
Icon