ويقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تعظيمًا لقدر الأبوين وأن الابن مهما بذل فلن يستطيع أن يوفيهما حقهما يقول -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يجزي ولد والدًا إلا أن يجده مملوكًا فيشتريه فيعتقه)).
بل إن جريمة قطيعة الرحم -وفي مقدمة ذلك ما يفعله بعض الأبناء بالآباء حين يقاطعون آباءهم وينسون مودتهم وينشغلون عنهم بأبنائهم وأزواجهم- وفي هذا يروي الإمام الترمذي بسنده عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يدخل الجنة قاطع)) قال ابن أبي عمر: قال سفيان: يعني قاطع رحم، فنسأل الله السلامة والعافية.
بل إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أراد من الأبناء أن يواصلوا بر آبائهم حتى بعد وفاتهم، وفي هذا يروي الإمام مسلم بسنده عن عبد الله بن عمر؛ أن رجلًا من الأعراب لقيه بطريق مكة، فسلم عليه عبد الله وحمله على حمار كان يركبه، وأعطاه عمامة كانت على رأسه، فقال ابن دينار، وكان مع ابن عمر: فقلنا له: أصلحك الله، إنهم الأعراب وإنهم يرضون باليسير، فقال عبد الله: إن أبا هذا كان ودًّ لعمر بن الخطاب، وإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن أبر البر صلة الولد أهل ود أبيه)).
وما زلنا نواصل الحديث من خلال أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومن ذلك ما ذكره صاحب (الترغيب والترهيب) في كتاب البر والصلة الترغيب في بر الوالدين وصلتهما وتأكيد طاعتهما والإحسان إليهما وبر أصدقائهما من بعدهما، مما ذكر الإمام المنذري في هذا الباب وفي هذا الكتاب ذكر حديث أبي سعيد -رضي الله عنه-: ((أن رجلًا من أهل اليمن هاجر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: هل لك أحد باليمن؟ قال: أبواي، قال: أذنا لك؟ قال: لا، قال: فارجع إليهما فاستأذنهما، فإن أذنا لك فجاهد، وإلا فبرهما)).