وهذا الحديث يعني: أن الجار عليه ألا يمنع جاره أن يغرس خشبة في جداره؛ لعل هذه الخشبة أن يقيم عليها شيئًا أو يعلّق عليها شيئًا، أو أن يعرش عليها شيئًا، فهي لا تؤثر في حائط جاره، وليس فيها من ضرر، فحق الجوار يقتضي أن يأذن له في ذلك، وألا يمنعه من هذا الذي يصنع.
وعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى عليه وسلم- قال: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء وأناء النهار، فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثلما أوتي فلان، فعملت مثلما يعمل، ورجل آتاه الله مالًا فهو يهلكه في الحق، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان، فعملت مثلما يعمل)) فهكذا يكون الحال بين الجيران في أن الجار يحاول أن يقتدي بجاره في الخير، هذا الرجل الذي علمه الله القرآن فهو يتلو هذا القرآن آناء الليل وآناء النهار، جاره يتمنى أن يكون كذلك، وأيضًا هذا جار أيضًا يرى جاره ينفق في سبيل الله وفي سبيل الحق وفي سبيل نصرة الحق ما ينفق من مال كثير؛ فيتمنى أن يكون كذلك هكذا يكون ما بين الجيران.
يروي الإمام النسائي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((تعوّذوا بالله من جار السوء في دار المقام، فإن جار البادية يتحول عنك)) جار البادية هذا الذي يكون في البادية يقيم في خيمة ينتقل من مكان إلى مكان فأمره سهل، لكن الجار الذي يكون بجوارك أقام له بيتًا وأنت بجواره في بيتك هذا جوار مستمرّ مستقرّ قد يمتد إلى أجيال فيما بين الأبناء والأحفاد. فإذا كان الجوار جوار سوء كان فيه من المشاكل والآلام والأحداث ما ينغّص الحياة، الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر ونصح المسلمين أن يستعيذوا بالله من جار السوء.