والمردود في بناء البيت: ومن بناه قبل إبراهيم أهم الملائكة أم آدم؟ والحجر الأسود من أين جاء؟ وورد في فضلهما كلام كثير، وقد استغرق في هذا النقل الذي معظمه من الإسرائيليات التي أخذت عن أهل الكتاب بضعة عشرة صحيفة.
ما ذكره الإمام السيوطي لا يصح منه عُشر ما ذكره من الروايات، ولو أن الإمام السيوطي اقتصر على الروايات الصحيحة التي رواها الإمام البخاري في صحيحه في كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ (النساء: ١٢٥) ورواه غيرُه من العلماء الأثبات لأراحنا وأراح نفسه، ولما أفسد العقول، وسمم النفوس بكل هذه الإسرائيليات التي نحن في غُنية عنها بما تواتر من القرآن الكريم، وثبت من السنة الصحيحة.
والحق أن ابن جرير كان مقتصدًا في الإكثار من هذه الإسرائيليات وإن كان لم يسلم منها، وذكر بعضها، وذلك مثل ما رواه بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: لما أهبط الله آدم من الجنة قال: إني مهبط معك بيتًا يُطاف حوله كما يُطاف حول عرشي، ويصلَّى عنده كما يصلى عند عرشي، فلما كان زمن الطوفان رفع فكانت الأنبياء يحجونه ولا يعلمون مكانه حتى بوَّأه الله إبراهيم -عليه السلام- وأعلمه مكانَه، فبناه من خمسة أجبن من: حراء وثبير ولبنان وجبل الطور وجبل الخمر. كلام!!
وأعجب من ذلك ما رواه بسنده عن عطاء بن أبي رباح قال: لما أهبط الله آدم من الجنة كان رِجلاه في الأرض ورأسه في السماء، يسمع كلام أهل السماء ودعاءهم، يأنس إليهم، فهابته الملائكة حتى شكت إلى الله في دعائها وفي صلاتها؛ فوجَّه إلى مكة فكان موضع قدمه قرية وخطوه مفازة حتى انتهى إلى


الصفحة التالية
Icon