المصدر الأول: وهو ما يتعلق بأعداء الإسلام:
هذا المصدر هم: أعداء الإسلام من الكفار، المشركين، اليهود والنصارى، الحاقدون على الإسلام، كل أولئك عندما نزل القرآن الكريم، وارتفعت رايتُه بدأت شبهات الكفار الذين يريدون إظهار القرآن بمظهر المتناقض، ليتوصلوا بذلك إلى أنه ليس من عند الله، وإسقاط حجيته، والطعن بعد ذلك في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي جاءهم به، لا سيما وأن القرآن الكريم قد رفع راية التوحيد، وأظهر أن أصنامهم هي شرك، وحَطَّمَ مكانتها، وأنزل معنوياتهم، فالقرآن هو الذي يقول لهم: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾ (الأنبياء: ٩٨) وبين لهم أن هذه الأصنام لا تنفع، ولا تضر، وليس لها من جدوى، فحطم ما ألفوا عبادته مئات السنين أو قرونًا طويلة فيما مضى.
فبدأ الكفار يثيرون الشبهات، ويعترضون على بعض الآيات، وينتشر كلامهم وأباطيلهم، ويعلنونها بين الناس، من أمثلة ذلك: حديث أخرجه الإمام مسلم يقول: عن المغيرة بن شعبة قال: بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى نجران، فقالوا: أريت ما تقرءون: ﴿يَا أُخْتَ هَارُون﴾ (مريم: ٢٨) وموسى كان قبل عيسى بمئات السنين، فيقول: فرجعت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمون بالأنبياء الصالحين قبلهم؟)).
إن أهل نجران أرادوا أن يلبسوا الأمر على المسلمين زاعمين أن القرآن تكلم عن هارون، وجعلت مريم أختًا لهارون، وهارون أخو موسى -عليهم السلام- بينما هناك فترة زمنية عدة قرون بين موسى وعيسى، فأرادوا بذلك أن يظهروا أن القرآن كلامه غير صحيح. تصدى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لهذه الشبهة الدخيلة، وبين أن هارون هذا الذي نسبت مريم، وقيل في شأنها: ﴿يَا أُخْتَ هَارُون﴾ ليس هو أخو موسى -عليه السلام- إنما هو هارون آخر، إلى غير ذلك.


الصفحة التالية
Icon