والآيات كثيرة فهي أيضًا تقول: ﴿وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ﴾ ﴿الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾ (يوسف: ٥١).
ثم ننتقل بعد ذلك إلى قوله -جل وعل-: ﴿ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ﴾ (يوسف: ٥٢) وفيها إسرائيليات كثيرة وردت، وقبلها نذكر ما ذكره المفسرون أيضًا إذ يقولون: إن يوسف هم بهذه المرأة هما صحيحًا وجلس منها مجلس الرجل من المرأة، فلما رأى البرهان من ربه زالت كل شهوة عنه.
هذا كلام لا يقبله العقل ويقدح في عصمه الأنبياء، ومن هنا نستكمل ما بدأناه، يقول علماؤن؛ يقول الدكتور محمد أبو شهبة، والعلماء ذوي البصيرة يقولون: إن هذا الكلام فيه غفلة شديدة من الأئمة الذين ذكروا هذا الكلام، وهذا كلام لا نرضاه، ولولا أننا ننزه ألسنتنا وأقلامنا عن الهُجر من القول، وأنهم خلطوا في مؤلفاتهم عملًا صالحًا وآخر سيئًا؛ لقسونا عليهم في الحكم على نقلهم لهذا الكلام، فنسأل الله لنا ولهم العفو والمغفرة.
يقول شيخنا الدكتور محمد أبو شهبة: وهذه الأقوال التي أسرف في ذكرها هؤلاء المفسرون؛ إما إسرائيليات وخرافات وضعها زنادقة أهل الكتاب القدماء الذين أرادوا بها النيل من الأنبياء والمرسلين، ثم حملها معهم أهل الكتاب الذين أسلموا وتلاقها عنهم بعض الصحابة والتابعين بحسن نية أو اعتمادًا على ظهور كذبها وزيفه، وإما أن تكون مدسوسة على هؤلاء الأئمة دسّها عليهم أعداء الأديان كي تروج تحت هذا الستار، وبذلك يصلون إلى ما يريدون من إفساد العقائد وتعكير صفو الثقافة الإسلامية الأصيلة الصحيحة؛ وهذا ما نميل إليه.
ننتقل إلى الفرية الأخرى على سيدنا يوسف؛ وهي ما ذكروه في قوله -جل وعل-: ﴿ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ﴾ فلكي يؤيدوا باطلهم الذي ذكر فيما


الصفحة التالية
Icon