فنقول: القول الجزل هو هذا الرأي الذي نستريح إليه، والسر في إظهاره في هذا الأسلوب والله أعلم تصوير المشهد المثير المغري العرم الذي هيئته امرأة العزيز لنبي الله يوسف، وأنه لولا عصمة الله له، وفطرته النبوية الذكية لكانت الاستجابة له، والهَمُّ بِهَا أمرًا مُحققًا، وفى هذا تكريمُ ليوسف وشهادة له بالعفة البالغة والطهارة الفائقة.
ننتقل بعد ذلك إلى ما ورد في لُبث يوسف -عليه السلام- في السجن ولعلها المشهد الأخير الذي نروي فيه ما ساقه المفسرون.
فمن الإسرائيليات ما يذكره بعضُ المُفَسّرين في مدة سجن يوسف -علية السلام- وفي سبب لُبثه ومُكثه في السجن بضع سنين، وذلك عند تفسير قوله -تعالى-: ﴿وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ﴾ (يوسف: ٤٢) فقد ذكر ابن جرير والثعلبي والبغوي وغيرهم أقوالًا كثيرة في هذا، فقد قال وهب بن مُنبه: أصاب أيوب البلاء سبع سنين، وتُرك يوسف في السجن سبع سنين، وعذب "بختنصر" فحول في السباع سبع سنين.
والحقيقة يعلق الشيخ أبو شهبة لا أدري ما المناسبة بين نبي الله وبين "بختنصر" الذي أذل اليهود وسباهم.
على كل حال؛ وقال مالك بن دينار: لما قال يوسف للساقي: اذكرني عند ربك، قيل له: يا يوسف، اتخذت من دوني وكيلًا لأطيلنّ حبسك؛ فبكى يوسف، وقال: يا ربّ، أنسى قلبي كثرة البلوى؛ فقلت كلمة ولن أعود.
وقال الحسن البصري: دخل جبريل -عليه السلام- على يوسف في السجن، فلما رآه يوسف عرفه، فقال له: يا أخ المنذرين، أني أراك بين الخاطئين، فقال له جبريل:


الصفحة التالية
Icon