الأوابد؛ أي: الأمور المشكلة البعيدة المعاني مأخوذة من كلمة: "آبدة" وهي النافرة من الوحش التي يستعصى أخذها.
هي من أخبار بني إسرائيل من الأوابد والغرائب والعجائب مما كان وما لم يكن، ومما حرف وبدل ونسخ، وقد أغنانا الله عن ذلك بما هو أصح من هـ وأنفع وأوضح وأبلغ -ولله الحمد والمنة.
أما التفسير الصحيح لبناء الصرح؛ فالحق أن سليمان -عليه الصلاة والسلام- أراد ببناء الصرح أن يريَهَا عظمةَ ملكه وسلطانه، وأن الله -سبحانه وتعالى- أعطاه من الملك ومن أسباب العمران والحضارة ما لم يعطِها؛ فضلًا عن النبوة التي هي فوق الملك، والتي دونها أية نعمة من النعم، وحاشا لسليمان -عليه السلام- وهو الذي سأل الله أن يعطيه حكمًا يوافق حكم الله فأوتيه، حاشاه أن يتحايل هذا التحايل حتى ينظر إلى ما حرم الله عليه: وهما ساقاها، وهو أجل من ذلك وأسمى.
ولولا أنها رأت من سليمان ما كان عليه من الدين المتين والخلق الرفيع لما أذعنت إليه لما دعاها إلى الله الواحد الحق، ولما ندمت على ما فرط منها من عبادة الكواكب والشمس وأسلمت مع سلمان لله رب العالمين، هذا ما يتعلق بالصرح.
أما ما يروى في الهدية: التي وردت في قوله -جل وعلا- على لسانها: ﴿وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ﴾ (النمل: ٣٥) فقد ورد فيها أيضًا إسرائيليات ولا نطيل فيها القول.
فمن الإسرائيليات ما ذكره كثير من المفسرين كابن جرير والثعلبي والبغوي وصاحب "الدر" في الهدية التي أرسلتها بلقيس إلى سيدنا سليمان -عليه الصلاة السلام- وإليك ما ذكره البغوي في (تفسيره) عند هذه الآية: ﴿وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ﴾:


الصفحة التالية
Icon