موقف آخر لآدم -عليه السلام-:
فهناك حادثة ابني آدم لما قتل أحدهما الآخر؛ لم تخلُ أيضًا من الإسرائيليات؛ فما نسب إلى ابني آدم لما قتل أحدهما الآخر كثير من الإسرائيليات، من ذلك ما ذكره ابن جرير الطبري في (تفسيره) والسيوطي في (الدر المنثور) في هذه القصة؛ قصة ابني آدم قابيل وهابيل وقتل أولهما الآخر؛ فقد روي عن كعب: أن الدم الذي على جبل قاسيون هو دم ابن آدم، وعن وهب: أن الأرض نشفت دم ابن آدم المقتول؛ فلعن ابن آدم الأرض؛ فمن أجل ذلك لا تنشف الأرض دمًا بعد دم هابيل إلى يوم القيامة، وأن قابيل حمل هابيل سنة في جراب على عنقه حتى أنتن وتغير؛ فبعث الله الغرابين اللذيْن قتل أحدهما الآخر؛ فحفر له ودفنه برجليه ومنقاره؛ فعلم كيف يصنع قابيل بأخيه.
مع أن القرآن عبر بالفاء التي تدل على الترتيب والتعقيب من غير تراخٍ؛ قال تعالى: ﴿فَبَعَثَ اللهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ﴾ (المائدة: ٣١)، وروى أيضًا أنه لما قتله اسودَّ جسده -وكان أبيض- فسأله آدم عن أخيه؛ فقال: ما كنت عليه وكيلًا، قال: بل قتلته؛ فلذلك اسودَّ جسدك... إلى نحو ذلك.
فكل هذا وأمثاله -عدا ما جاء في القرآن- من إسرائيليات بني إسرائيل، وقد جاءت بعض الروايات صريحة عن كعب ووهب؛ وما جاء عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما فمرجعه إلى أهل الكتاب الذين أسلموا، والآيات هي قول الله -جل وعلا-: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِين * لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِين، إِنِّي