وأنه لما أراد الحمار أن يدخل السفينة أخذ نوح بأذني الحمار، وأخذ إبليس بذنبه فجعل نوح -عليه السلام- يجذبه وجعل إبليس يجذبه، فقال نوح: ادخل شيطان يريد به الحمار؛ فدخل الحمار ودخل معه إبليس؛ فلما سارت السفينة جلس إبليس في أذنابها يتغنى؛ فقال له نوح -عليه السلام-: ويلك! من أذن لك؟ قال: أنت، قال: متى؟ قال: أن قلت للحمار ادخل يا شيطان، فدخلت بإذنك.
وزعموا أيضًا أن الماعز لما استصعبت على نوح أن تدخل السفينة؛ فدفعها في ذنبها، فمن ثم انكسر وبدا حياها، ومضت النعجة فدخت من غير معاكسة ف مسح على ذنبها، فستر الله حياها - يعني فرجها.
وزعموا أيضًا أن السفينة نوح -عليه السلام- طافت بالبيت أسبوعًا - أي: بالكعبة، يعني سبع مرات - بل رووا عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جده، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن سفينة نوح طافت بالبيت سبعًا، وصلّت عند المقام ركعتين" سُبحان الله! كلام عجيب.
يقول شيخنا الدكتور أبو شهبة: وهذا من تفاهات عبد الرحمن هذا، وقد ثبت عنه من طريق أخرى نقلها صاحب (التهذيب) عن الساجي، عن الربيع، عن الشافعي، قال: قيل لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم: حدثك أبوك عن جدك أنّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن سفينة نوح طافت بالبيت وصلّت خلف المقام ركعتين" قال: نعم، وقد عُرف عبد الرحمن بمثل هذه العجائب المخالفة للعقل، وتندر ب هـ العلماء.
قال الشافعي فيما نقل في (التهذيب) أيضًا: ذكر رجل ٌ لمالك حديثًا منقطعًا؛ فقال: اذهب إلى عبد الرحمن بن زيد يُحدثك عن أبيه، عن نوح.
وأنه لما رست السفينة على الجودي، وكان يوم عاشوراء صام نوح وأمر جميع من معه من الوحش والدواب فصاموا شكرًا لله، إلى غير ذلك من التخريفات


الصفحة التالية
Icon