المبارزة، انتدب له داود، فأعطاه طالوت فرسًا ودرعًا وسلاحًا، فلبس السلاح وركب الفرس وسار قريبًا، ثم لم يلبس أن نزع ذلك، وقال لطالوت: إن لم ينصرني الله لم يغنِ عني هذا السلاح شيئًا، فدعني أقاتل جالوت كما أريد، قال: فافعل ما شئت، قال: نعم، أخذ داود مخلاته، فتقلدها - يعني لبسها على كتفه - وأخذ المقلاع ومضى نحو جالوت، وكان جالوت من أشد الرجال وأقواهم، وكان يهزم الجيش وحده، وكان له بيضة فيها ثلاثمائة رطل حديد -البيضة هي ما يلبسه المحارب على رأسه - ولكن هذا الثقل، ثلاثمائة رطل حديد، هذا من أكاذيب بني إسرائيل وتخريفاتهم، فيعني أي عاقل يدري كيف يمكن لجالوت أن يحارب وعلى رأسه هذا الثقل، وهذا القدر من الحديد، ثلاثمائة رطل يعني ١٥٠ كيلو جرامًا من الحديد، طبعًا هذا كلام لا يعقل، وأيضًا يكون حمل على رأسه ما يزيد على ثلاثة قناطير من الحديد، وذكروا في وصفه أنَّ ظله كان ميلًا، وهذا لا شك من خرافات بني إسرائيل.
المهم تقدم جالوت كما ذكروا على رأسه هذا الثقل، فلما نظر إلى داود، ألقى الله في قلبه الرعب، وبعد مقاولة بينهما، وتوعد كل منهما الآخر، أخرج داود حجرًا من مخلاته، ووضعه في مقلاعه، وقال: ب اسم إله إبراهيم، ثم أخرج الآخر وقال: ب اسم إله إسحاق ووضعه في مقلاعه، ثم أخرج الثالث وقال: باسم إله يعقوب، ووضعه في مقلاعه، فصارت كلها حجرًا واحدًا، ودور داود المقلاع، ورمى به فسخر الله له الريح، حتى أصاب الحجر أنف البيضة، فخلص إلى دماغه، وخرج من قفاه -أي: جالوت - وقتل من ورائه ثلاثون رجلًا، وهزم الله تعالى الجيش وخر جالوت قتيلًا صريعًا، وأخذه يجره حتى ألقاه بين يدي طالوت، ففرح جيش طالوت فرحًا شديدًا؛ لأنَّ الله نصر داود على جالوت.


الصفحة التالية
Icon