وانصرفوا إلى مدينتهم سالمين والناس يذكرون بالخير داود، فجاء داود طالوت، وقال له أنجز لي ما وعدتني، فقال: وأين الصداق؟ فقال له داود: ما شرطت علي صداقًا غير قتل جالوت، ثم اقترح عليه طالوت أن يقتل مائتي رجل من أعدائه م، ويأتيه بغلفهم -الغلف هي ما يقطع عند الختان- ففعل داود فزوجه طالوت ابنته، وأجرى خاتمه في ملكه، فمال الناس إلى داود وأحبوه، وأكثروا ذكره فحسده طالوت، وعزم على قتله، فأخبر ابنة طالوت رجلًا من أتباعه، فحذرت داود وأخبرته بما عزم أبوها عليه، وبعد مغامرة من طالوت لقتل داود ومكيدة وحيلة من داود، أنجى الله داود - عليه السلام - فلما أصبح الصباح وتيقن طالوت أن داود لم يقتل، خاف منه فتوجس خيفة واحتاط لنفسه، ولكن الله أمكن داود منه ثلاث مرات ولكن لم يقتله، ثم كان أنَّ فر داود من طالوت في البرية، انظر إلى هذا الكذب، فرآه طالوت ذات يوم فيها فأراد قتله، ولكن داود دخل غارًا وأمر الله العنكبوت فنسجت عليه من خيوطها، وبذلك نجى من طالوت، ولجأ إلى الجبل، وتعبد مع المتعبدين.
فطعن الناس في طالوت بسبب داود واختفائه، فأسرف طالوت في قتل العلماء والعباد، ثم كان أن وقعت التوبة في قلبه، وندم على ما فعل وحزن حزنًا طويلًا، وصار يطلب من يفتيه أن له توبة، فلم يجد؛ حتى دُل على امرأة عندها اسم الله الأعظم، فذهب إليها وأمن روعها، فانطلقت به إلى قبر "إشماويل" فخرج من قبره، وأرشده إلى طريق التوبة، وهو أن يقدم ولده ونفسه في سبيل الله حتى يقتلوا، ففعل وجاء قاتل طالوت إلى داود؛ ليخبره بقتله، فكانت مكافأته على ذلك أن قتله، وأ تى بنو إسرائيل إلى داود، وأعطوه خزائن طالوت وملكوه على أنفسهم.


الصفحة التالية
Icon