وفي رواية لكعب أنّ إدريس قال للملك: هل لك أن تسأل ملك الموت، كم بقي من أجلي كي أزداد من العمل؟ وفيه أنه لما سأله قال: لا أدري، حتى أنظر، فنظر ثم قال: إنك تسألني عن رجل ما بقي من عمره إلى طرفة عين، فنظر الملك تحت جناحه، فإذا هو قد قبض -عليه السلام- وهو لا يشعر به، هذه من الإسرائيليات.
ورواه ابن أبي حاتم عن السدي بنحو هذا السياق، وفي القرطبي، قال السدي: إنه نام ذات يوم -أي سيدنا إدريس- واشتد عليه حر الشمس، فقال: وهو منها في كرب، فقال: اللهم خفف عن ملك الشمس حرها، وأعنه على ثقلها، ثم ذكر نحو حديث كعب، قال ابن كثير: وهذا من أخبار كعب الأخبار الإسرائيليات، وفي بعضه نكارة، والله أعلم.
وفي ذلك دلالة واضحة على أن ما ذكر من الإسرائيليات التي يذكرها الرواة عن أهل الكتاب، فهي من الإسرائيليات، على أن رواية السدي يكفي في إبطالها نسبتها إليه، فهو من عرف عنه الكذب، وعدم الثقة بمروياته؛ ولذلك قال عنه الإمام البخاري: سكتوا عنه لا يكتب حديثه، وقال ابن معين عنه: ليس بثقة، وقال النسائي: متروك، وقال ابن حبان: كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات لا يحل كتابة أحاديثه.
أما حديث كعب، فقد ساقه الحافظ ابن كثير في (التفسير)، نقلًا عن ابن جرير، ووصفه بأنه أثر غريب عجيب، ثم حكم عليه كما أسلفت الآن، بأنه من الإسرائيليات، وقال: إن فيه نكارة شديدة، وتبعه في ذلك الحافظ ابن حجر، حيث قال تعقيبًا على هذا الخبر: وهذا من الإسرائيليات والله أعلم بصحة ذلك.


الصفحة التالية
Icon