والتابعين، فمرجعه إلى مسلمة أهل الكتاب؛ ككعب ووهب وغيرهما، وقد رأيت كيف تضارب وتناقض كعب ووهب؛ فكعب يقول: لم يصعد به إلى السماء، ويزعم أنه ذو النون، ووهب يقول: إنه رفعه إلى السماء، وصار في عداد الملائكة - عليهم السلام -، وأ ن بعض الروايات تقول: إنه الخضر، والبعض الآخر يقول: إنه غير الخضر، إلى غير ذلك من الاضطرابات والأباطيل، كزعم مختلق الروايات الأولى؛ أن الله أوحى إلى إلياس إني قد جعلت أرزاقهم بيدك، بينما في بعض الروايات الأخرى أن الله أبى عليه ذلك مرتين وأجابه في الثالثة، وهكذا الباطل يكون مضطربًا لجلجًا، وأما الحق فهو ثابت أبلج، وواضح.
ولم يقف الأمر عند نقل هذه الإسرائيليات عمن ذكرنا، بل بلغ الافتراء ببعض الزنادقة والكذابين إلى نسبة ذلك إلى النبي - ﷺ - كي يؤيد به أكاذيب بني إسرائيل وخرافاتهم، وكي يعود ذلك بالطعن على صاحب الرسالة العامة الخالدة - صلوات الله وسلامه عليه - قال السيوطي (الدر): وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله - ﷺ -: "الخضر هو إلياس".
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في (الدلائل) وضعفه عن أنس - رضي الله عنه - قال: كنا مع رسول الله - ﷺ - في سفر، فنزلنا منزلًا، فإذا رجل في الوادي يقول: اللهم اجعلني من أمة محمد المرحومة المغفورة المثاب لها، فأشرفت على الوادي، فإذا رجل طوله ثلاثمائة ذراع وأكثر فقال: من أنت؟ قلت: أنس خادم رسول الله - ﷺ - فقال: أين هو؟ قلت: هو ذا يسمع كلامك، قال: فأته وأقرئه مني السلام، وقل له: أخوك إلياس يقرئك السلام، فأتيت النبي - ﷺ - فأخبرته فجاء حتى عانقه وقعدا يتحدثان، فقال له: يا رسول الله إني إنما آكل في كل سنة يومًا، وهذا يوم


الصفحة التالية
Icon