وأخرج كثيرون: عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر، عن ابن مسعود: أن إلياس هو إدريس. ونُقل عنه أنه قرأ -يعني عبد الله بن مسعود-: "وإن إدريس لمن المرسلين"، كأن الآية: ﴿وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِين﴾، هناك قراءة لابن مسعود: "وإن إدريس لمن المرسلين"، والحكم بأنه إدريس هذا قول الضحاك أيضًا، قال ال ألوسي: والمستفيض في القراءة عن ابن مسعود أنه قرأ كالجمهور: ﴿وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِين﴾، نعم قرأ ابن وثاب والأعمش والمنهال بن عمرو، والحكم بن عتيبة الكوفي كذلك، ثم أخذ العلامة الألوسي يرد القول بزعم أنّ إلياس هو إدريس، الذي قال الله عنه: ﴿وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا﴾ لأنَّ إدريس كان بعد آدم بقليل كما سبق في ذكر نسبه أول القصة، هو قريب من آدم بينه وبين أبيه آدم أربعة أجداد له أو خمسة، وكان قبل نوح بيقين وبزمان، كما ذكر المؤرخون.
فهو على ما قيل -والكلام للعلامة ال ألوسي: اسمه أخنوخ بن يزد بن مهلا ئ يل بن أنوش بن قنان بن شيث بن آدم؛ لا بأس هذا السند يعني إن اتفق مع ما سبق أو اختلف قليلًا، فهو من ولد آدم، قبل نوح.
وفي (المستدرك) عن ابن عباس: أن بينه وبين نوح ألف سنة. وعن وهب: أنه جد نوح. كل هذا يؤكد أن إدريس كان قبل نوح -عليه السلام.
يقول العلامة ال ألوسي: وهذا يمثل إشكالًا؛ لأن الآية تبين أنَّ إلياس من ذرية نوح، أو إبراهيم، فهو غير إدريس الذي عرف بأنه قبل نوح بزمان يقينًا، أما الآية فهي قوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيم * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِين * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِين﴾ (الأنعام: ٨٣ - ٨٥).