ولكننا نربأ بسيدنا لوط أن يعرض بناته على قومه الفسقة الفجرة عرض شهوة، كما كانوا يقعون في الفواحش، لعله قال: هؤلاء بناتي تزوجوهم، وتقضى الشهوات في الحلال، ولكنهم قوم ألفوا الفسق والفجور؛ إلى آخر الكلام، وهذا القول أورده كثير من المفسرين.
هناك أقوال باطلة حول هذه الآيات ﴿قَالَ هَؤُلاء بَنَاتِي إِن كُنتُمْ فَاعِلِين﴾ منها أن لوطًا لم يعرض عليهم بناته الصلبيات؛ وإنما عرض عليهم بنات القرية، وهـ ن أزواجهم؛ لأن كل نبي أرسل إلى قوم فأولادهم أبنا ؤ هـ ونساؤهم بناته مجازًا؛ إذ كيف يكون لوط أبًا لهؤلاء الكافرات غير المؤمنات، وكيف يعبر عنهن ببناتي وهنّ يأبون أبوته، ويكفُرنه ويجحدون نبوته ورسالته؟! هذا قول من الأباطيل والدخيل.
ثانيًا: نقول: إن الملائكة الذين طمع فيهم هؤلاء الفجرة، كانوا ثلاثة؛ ولا يُعقل أن يكون كل واحد من أهل القرية الذين جاءوا إليه يزفون، يأمل أن ينال حاجته منهم، وأهل القرية آلاف أو يزيدون، ولكن المعقول أنه كان هناك رئيسان مطاعان أو ثلاثة في القوم، وهم الذين يطلبون الملائكة، وإنما عبر بأهل القرية لمظاهرتهم لهم حتى يتم مرادهم؛ فعرض لوط على القوم لبناته أو لبنتيه الصلبيتين؛ ليأخذوهما بطريق التزوج لا على سبيل الفاحشة أو المنكرات.
ثالثًا: نقول: ما مرجع كاف الخطاب: ﴿لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيد﴾ (هود: ٨٠) إنّ مرجع الكاف إلى قومه؛ الذين جاءوا يهرعون إليه، والمعنى لو أجد قوة تمكنني من صدكم، وإحلال النكال بكم؛ لفعلت.
٢ - لو أن مرجع الخطاب هم الملائكة؛ وعلى ذلك فإن لوطًا تمنى لو كان عدد ضيوفه كثير؛ ليجد بهم قوة على مجاهدة قومه، وكفهم والإيقاع بهم، هذا كلام موجود على كل حال.


الصفحة التالية
Icon