جادلهم بعدد أقصاه خمسين، ثم أخذ ينقص منه؛ حتى بلغ عشرة فإنها تختلف مع العدد الذي ذكره ابن جرير الطبري في ت فسيره من رواية السدي؛ حيث ذكر أن إبراهيم جادلهم في مائة من المسلمين، ولم يزل يحطّ حتى بلغ عشرة، وكذا من رواية ابن جرير أنه جادلهم في مائة أيضًا؛ حتى هبط إلى خمسة، بينما نجد الحافظ ابن كثير يذكر في رواية ابن إسحاق وآخرين أن مجادلة أبينا إبراهيم لهم كانت في ثلاثمائة، وما زال يُنقص حتى بلغ معهم إلى مؤمن واحد، ويذكر ابن عباس وغيره أن إبراهيم -عليه السلام- جادلهم في أربعمائة، وأخذ ينقص منهم حتى بلغ أربعة عشر. انظر (قصص الأنبياء).
وهكذا ن جد تعارضًا وتضاربًا واضحًا في تعيين العدد الذي جادل عنه إبراهيم الملائكةَ مما يدل دلالة واضحة على أن تلك الروايات إنما هي من اجتهاد الرواة، ولذلك قال العلامة الإمام ال ألوسي في التعقيب على ما ذُكر: وروي نحو ذلك عدة روايات الله أعلم بصحتها.
على أن تلك المجادلة التي ذكرها المفسرون؛ لم تفصل في القرآن الكريم، ولا في سنة النبي العظيم محمد -عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليم- وإنما فصلت في الكتب المحرفة عند اليهود، جاءت هذه التفاصيل في الإصحاح الثامن عشر من سفر التكوين؛ فمن العبارات هذا نصها: فتقدم إبراهيم وقال: أفتهلك البار مع الأثيم على أن يكون خمسون في المدينة، أفتهلك المكان ولا تصفح عنه من أجل الخمسين الذين فيه؟ حاشا لك أن تفعل مثل هذا الأمر، أن تميت البار مع الأثيم؛ فيكون البار كالأثيم، حاشا لك، فقال الرب: إن وجدتُ خمسين بارًّا في المدينة؛ فإني أصفح عن المكان كله من أجلهم؛ فأجاب إبراهيم وقال: إني شرعت أكلم المولى، وأنا تراب ورماد ربما نقص الخمسون بارًّا خمسة أتهلك كل


الصفحة التالية
Icon