واشتمل الخبرُ على شعر قيل في هذا الشأن ركيك، ثم هبط جبريل على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: خذها يا محمد فأقرأه: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾ (الإنسان: ١) إلى قوله: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ﴾.
وقد أخرج هذا الخبر معظم المفسرين ويكادوا لم يسلم تفسير منهم حتى إن الحافظ السيوطي ذكره في (الدر) مع أنه وافق على ضعفه في (اللآلئ).
وقد نبه على وضعه الحكيم الترمذي في كتابه (نوادر الأصول) في الأصل الرابع والأربعين، حيث قال: ومن الحديث الذي تنكره قلوب المحقين؛ فذكر هذه القصة، وقال: هذا حديث مذوق، وانظر كذلك (تخريج حديث الكشاف) للحافظ الزيلعي، وانظر (الموضوعات) لابن الجوزي؛ كل هؤلاء ذكروا أنه موضوع.
والحافظ ابن الجوزي ذكره، وابن حجر في كتاب (التخريج) حيث تعقب هذا الحديث في (الكشاف) وقال: أخرجه الثعلبي عن ابن عباس من رواية الكلبي، وقال: إن آثار الوضع لائحةٌ عليه لفظًًا ومعنى؛ فبناء سيدنا عليٌ بالسيدة فاطمة، كان بالمدينة في السنة الثانية مع أن هذه السورة مكية؛ السورة مكية، وسيدنا عليٌ ما تزوج فاطمة إلا في المدينة، ثم أنجب فيما بعد -بعد ذلك بسنوات- فواضح أن هذه القصة فيها كذبً ُواضح، وبطلان صريح.
والسورة مكية كما روي عن ابن عباس والجمهور: فليس من المعقول أن يكون هذا هو السبب. ومن العجيب: أن الإمام الألوسي قد حاول إثبات الخبر؛ بالخلاف في مكية السورة ومدنيتها، وبأن ابن الجوزي متساهل في الحكم بالوضع، ومعظم التفاسير ذكرت هذا السبب؛ لأن الحكمَ بوضعِه يخفى إلا على الحافظ الناقد البصير.


الصفحة التالية
Icon