إلى معرفة أحكام القرآن الكريم ومعانيه، وحكمه ومراميه، وألفاظه وجمله، قام بعض أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يفسّرون من القرآن الكريم ما يحتاج إليه المسلم: بالقرآن الكريم، ثم بسنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثم ببيان أسباب نزول الآيات والسور، وبما بلغهم، وإذا احتاج الأمر فسّروه بما يوفقهم الله تعالى إليه من اجتهاد وفهم «١»، وما يعرفونه من بيان العرب.
أخرج غير واحد عن أبي عمران «٢» قال: كنا بالقسطنطينية فخرج صف عظيم من الروم، فحمل رجل من المسلمين حتى دخل فيهم، فقال الناس: ألقى بيديه إلى التهلكة، فقام أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه فقال: أيها الناس، إنكم تؤولون هذه الآية هذا التأويل، وإنما نزلت فينا معاشر الأنصار، إنا لما أعز الله تعالى دينه، وكثر ناصروه، وقال بعضنا لبعض سرا دون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إن أموالنا قد ضاعت، وإن الله قد أعز الإسلام وكثر ناصروه، فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها؟
فأنزل الله تعالى على نبيه صلّى الله عليه وسلّم ما يردّ علينا ما قلنا: وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة: ١٩٥] «٣».
استعمل عمر رضي الله تعالى عنه قدامة بن مظعون على البحرين، فقدم الجارود على عمر فقال: إن قدامة شرب فسكر، فقال عمر رضي الله تعالى عنه: من يشهد على ما تقول؟ قال الجارود: أبو هريرة يشهد على ما أقول. فقال عمر: يا قدامة، إني جالدك، قال: والله لو شربت- كما يقول- ما كان لك أن تجلدني، قال عمر:
ولم؟ قال: لأن الله تعالى يقول: لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا [المائدة: ٩٣].
(٢) هو أسلم بن يزيد التّجيبي المصري: ثقة. (تقريب التهذيب رقم ٤٠٤).
(٣) روح المعاني للآلوسي (٢: ٧٧).