المدح؛ لكونه سبحانه أوجد الأشياء المنوّرة، وأوجد أنوارها، ونوّرها، ويدل على هذا المعنى قراءة زيد بن علي وأبي جعفر وعبد العزيز المكّي «الله نوّر السّماوات والأرض» ومعنى اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أنه سبحانه صيّرهما منيرتين باستقامة أحوال أهلهما وكمال تدبيره عزّ وجلّ لمن فيهما.
أما ما ذهب إليه المجسمة من أن الله تعالى نور لا كالأنوار، فباطل، لأن النور ضياء، وهو عرض من الأعراض، أو جسم من الأجسام، وكلاهما مستحيل على الله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: ١١].
٢ - الله هادي أهل السموات والأرض: وأقرب ما ذهب إليه العلماء في هذا التأويل: أن النور سبب للظهور، والهداية لما شاركت النور في هذا المعنى صحّ إطلاق اسم النور على الهداية قال تعالى: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً [الأنعام: ١٢٢]، ومعنى اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي ذو نور السموات والأرض، والنور هو الهداية، ولا تحصل إلا لأهل السموات، والحاصل أن المراد: الله هادي أهل السموات والأرض. وهو قول ابن عباس والأكثرين.
٣ - شرح كيفية التمثيل: ذهب جمهور المتكلمين، أن المشبّه هو المراد من الهدى الذي هي الآيات البينات، والمعنى أن هداية الله تعالى قد بلغت في الظهور والجلاء إلى أقصى الغايات، وصارت في ذلك بمنزلة المشكاة التي تكون فيها زجاجة صافية، وفي الزجاجة مصباح يتقد بزيت بلغ النهاية في الصفاء.
ب- التوجيهات المستفادة:
ا- الله تعالى ظاهر في إبداع مخلوقاته، شديد الظهور في دلائل قدرته، وشدّة الظهور تولّد الخفاء، فسبحان من اختفى عن الخلق لشدة ظهوره، واحتجب عنهم بإشراق نوره.
٢ - أن هداية الله قد بلغت في الظهور والجلاء إلى أقصى الغايات.


الصفحة التالية
Icon