لكنّهم لم يكونوا مضطرّين إلى ذلك ليضعفوا حجّتهم بمثله، وإنّما يكفي بعض القول الّذي قدّمناه في الذّبّ عن القرآن، دون تأثّر
بهذا الّذي قاله ابن مسعود، وأمّا غلط ابن مسعود فهو دليل على أنّ الغلط في الأصول وارد على الكبار في الاجتهاد، وليس يمنع اعتقاد فضلهم وعلوّ قدرهم من وقوعهم فيه، وإنّما العصمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمّ لأمّته في مجموعها من بعده، وحيث تواطأت الأمّة على اعتقاد ما في المصحف وفيه المعوّذتان أنّه كتاب الله الّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فاعتقادها هذا معصوم، وهو الحقّ المبين.
٦ - وأمّا قضيّة تحريق المصاحف غير المصحف العثمانيّ، فإنّ امتناع ابن مسعود عن تسليم مصحفه، وأمره النّاس بإخفاء مصاحفهم الّتي نسخوها لأنفسهم قبل المصحف الإمام، فهو نتيجة متصوّرة لموقفه المتقدّم شرحه من صنيع عثمان.
وكذلك الموقف من جهة أمير المؤمنين عثمان، فإنّه قصد بالجمع أن يجمع النّاس على مصحف واحد، ولا يتأتّى ذلك وهو يدعهم يحتفظون بما عندهم من القراءات والحروف ممّا لا يأتي على وفاقه.
والموقف العامّ من الصّحابة كان متّفقا مع رأيه، سوى ابن مسعود، وعابوا على ابن مسعود صنيعه.
قال مصعب بن سعد: أدركت أصحاب النّبيّ ﷺ حين شقّق عثمان


الصفحة التالية
Icon