الّذين جمعوا القرآن في عهد عثمان وبين عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نزاع عند هؤلاء في التّواتر بعد عثمان وإلى اليوم.
وتعلّقوا بشبهات، يرجع حاصلها إلى ما يأتي:
الشّبهة الأولى: موقف ابن مسعود من الجمع العثمانيّ عامّة، وذكر المعوّذتين فيه خاصّة.
وهذا تقدّم ذكره وإبطال التّعلّق به في المقدّمة السّابقة.
الشّبهة الثّانية: ما كان مذكورا في مصحف أبيّ بن كعب وليس هو في مصاحف المسلمين.
وهذا كذلك سبق ذكره مع بعض مثاله، وأنّ مرجعه إلى أنّ أبيّا ربّما قرأ بالمنسوخ من القرآن، وما كان من ذلك فهو من هذا القبيل على أقصى تقدير، أو يكون أبيّ كتبه في مصحفه لنفسه ليحفظه أو يتعاهده، وذلك أنّ مصحفه كان يخصّه، فجائز أن يكون ذلك بمنزلة تعليقة يزيدها الكاتب في هامش كتاب، وممّا قد يؤكّده أنّه لم يؤثر عن أبيّ إنكار لصنيع عثمان ومن
_________
= ليقدر أن يفعله في جميع تلك المصاحف، وإن كان أرهب كثيرا من النّاس يومئذ بظلمه وطغيانه، فما كان ليقدر أن يصمّت جميع أمّة محمّد ﷺ فيحرّف القرآن على مرأى من جميع المسلمين، ثمّ هب أنّ ذلك قد وقع من الحجّاج؛ فأين النّقلة لم يجتمعوا على نقله، ولماذا لم يأت إلّا من طريق عبّاد بن صهيب رجل من المتروكين الهلكى؟
كيف وقد ثبتت الأسانيد الدّالّة على بطلان هذه الحكاية بخصوص كتابة تلك الأحرف؟ ومثل هذا لا يستحقّ الإطالة بأكثر ممّا ذكرت لظهور فساده.


الصفحة التالية
Icon