معه من الصّحابة حين كتبوا المصحف، مع أنّهم كانوا يستشيرونه فيما كانوا يصنعون.
فعن هانئ البربريّ مولى عثمان، قال:
كنت عند عثمان وهم يعرضون المصاحف، فأرسلني بكتف شاة إلى أبيّ بن كعب، فيها: (لم يتسنّ)، وفيها: (لا تبديل للخلق)، وفيها: (فأمهل الكافرين)، قال: فدعا بالدّواة، فمحا إحدى اللّامين، وكتب: لِخَلْقِ اللَّهِ [الرّوم: ٣٠]، ومحا (فأمهل) وكتب: فَمَهِّلِ [الطّارق: ١٧]، وكتب: لَمْ يَتَسَنَّهْ [البقرة: ٢٥٩] ألحق فيها الهاء (١).
الشّبهة الثّالثة: أخبار وردت في قرآن منسوخ التّلاوة.
وسيأتي مثاله في (المقدّمة الرّابعة).
وبطلان الاعتراض بهذا ظاهر، فإنّ الله تعالى أنزل قرآنا نسخت تلاوته، وبقي منه شيء محفوظ في السّنن، ومنه ما أنساه الله النّاس في عهد النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ
_________
(١) أثر صحيح. أخرجه أبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص: ٢٨٦) - ومن طريقه: ابن جرير في «تفسيره» (٣/ ٣٨) - قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديّ، عن عبد الله بن المبارك، قال: حدّثني أبو وائل شيخ من أهل اليمن، عن هانئ البربريّ، به.
قلت: وهذا إسناد جيّد، ورجاله ثقات، أبو وائل اسمه عبد الله بن بحير بن ريسان، ثقة، وهانئ لا بأس به صدوق.