هذا النّمط من الزّيادات، فليسوا عندهم موضع الثّقة، لكن حين ظنّوا هذه الآثار تخدم أهواءهم تشبّثوا بها!! نعوذ بالله من الهوى.
الشّبهة الخامسة: ما قيل: كان عند القرّاء الّذين قتلوا في حرب الرّدّة قرآن لم يكن عند غيرهم، ولم يعلمه أحد بعدهم، فهذا يعني ذهاب جزء من القرآن.
وأقول: إنّما تعلّق هؤلاء بما نقل عن ابن شهاب الزّهريّ، قال:
بلغنا أنّه كان أنزل قرآن كثير، فقتل علماؤه يوم اليمامة الّذين كانوا قد وعوه، فلم يعلم بعدهم ولم يكتب، وذلك فيما بلغنا حملهم على أن يتبعوا القرآن، فجمعوه في الصّحف في خلافة أبي بكر خشية أن يقتل رجال من المسلمين في المواطن معهم كثير من القرآن، فيذهبوا بما معهم من القرآن ولا يوجد عند أحد بعدهم، فوفّق الله عثمان فنسخ تلك الصّحف في المصاحف، فبعث بها إلى الأمصار، وبثّها في المسلمين (١).
والاعتراض بهذا غلط من جهة الرّواية والدّراية جميعا:
_________
(١) أثر لا يصحّ. أخرجه ابن أبي داود في «المصاحف» (ص: ٢٣) قال: حدّثنا أبو الرّبيع، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، به.
قلت: إسناده إلى الزّهريّ صحيح، لكنّه مرسل كما سأذكر، وأبو الرّبيع اسمه سليمان بن داود المهريّ، وابن وهب عبد الله، ويونس هو ابن يزيد الأيليّ صاحب الزّهريّ، والجميع ثقات.